لم يتوان الرئيس عبد المجيد تبون في الدفاع بشراسة عن الثبات التاريخي للموقف الجزائري بشأن ملف الصحراء الغربية ودعمها المتأصل في التاريخ عبر عقود من الزمن, لاعتبارات قانونية ودولية وتاريخية تستدعي حماية حريات الشعوب واحترام سيادة أوطانهم.
إلا أن الموقف الإسباني الذي تميز بخرقه الصارخ لجميع القيم الدبلوماسية والقانونية والدولية ,مما جعله غير مسكوت عنه من الجانب الجزائري، بما في ذلك تأثيره السلبي على العلاقات بين الطرفين، فسرته الصحافة الإسبانية بالمحير ,جعل الأخيرة تلتزم الحياد بمجرد نقل الاحداث والتصريحات والتحليلات دون أية تعليقات مؤيدة أو معارضة للمواقف أو حتى تحليلية وسط عديد التحفظات، ما جعل الجزائر تحافظ على تمركزها بموقع قوة تاريخية، أكده وزير الصناعة الأسبق السيد فرحات آيت علي وهو محلل سياسي واقتصادي، وذلك من خلال المقابلة التي دعته لها صحيفة le Mundo الإسبانية في محاولتها لتحليل الموقف الجزائري على لسان ساستها، هذا الأخير الذي أبدى بعدا آخرا لحيثيات القضية, أوضح من خلاله أن العلاقات الجزائرية الإسبانية أبعد و أعمق بكثير من مجرد تقلبات سياسية تحكمها علاقات ضيقة لحكام لم يعيروا أدنى اهتمام لعمق العلاقات التاريخية للبلدين، واعتباره أن الرئيس الإسباني الحالي “بيدرو سانشيز” لم يتحلى بنظرة ثاقبة لبعد العلاقات الاستراتيجية بين الجزائر و إسبانيا، بينما ارتأى على حد تعبيره أن “المحافظون هم أجدر بالسلطة في إسبانيا” ,لا لشيء إلا لأنهم أدرى بعمق المصالح المشتركة بين البلدين على خلاف النظرة القاصرة للحكم الحالي بإسبانيا ,والذي أفضى إلى تدهور علاقات عميقة تاريخية بمجرد استنادها لحكم سوق الأسهم الحالية والخلط بينها وبين قيم متأصلة في العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية التي جمعت البلدين.
وأن ملخص هذا التوتر بالعلاقات سببه الرئيس الحالي “بيدرو سانشيز” أكثر من كونه صراع بين دولتين طالما قامتا على عمق علاقات تاريخية جمعت بينهما، حيث عبرت جريدة le Mundo الإسبانية في اللقاء الذي جمعها مع وزير الصناعة الأسبق السيد فرحات آيت علي بالعنوان الذي تصدر هذه الصحيفة “EL problema de Algeria es con Sanchez no Espana”، هذا العنوان الذي عبر عنه الشارع الإسباني وحتى الجزائري أنه بيت القصيد من ملخص النزاع الإسباني الجزائري، وأن الحكومة الجزائرية من خلال المواقف الداعمة التي أبداها ساستها المحنكين تبعث بصفعة قوية للأطراف الخفية التي تعمل على تأجيج الاوضاع بين طرفين لهما ثقل في العلاقات الدولية والاستراتيجية, سيما كدولتي إسبانيا والجزائر، وأنها تفهم جيدا أي نوع من الأوراق التي تعتبرها هذه الأطراف رابحة وتستعملها لكسب الرهان، وأن موقع المسؤولين الحاليين بإسبانيا ومهما اعتبر شرعيا في نظرهم لا يعتبر نقطة ضاغطة أمام موقف الجزائر الثابت تاريخيا وعمق العلاقات بين البلدين، وذلك ما أعرب عنه الوزير الأسبق السيد فرحات آيت علي في مداخلته الأخيرة بصحيفة le Mundo الإسبانية، التي لقيت تفاعلا منقطع النظير بالشارعين الجزائري والإسباني جعل كفة الجزائر ترجح حسب التعبير العام لرواد مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد الأكثر تداولا .
مصطفى ياسر
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.