
أثار الرفض القاطع للجزائر، بالجلوس إلى مفاوضات طاولة مستديرة حول قضية الصحراء الغربية المحتلة، بطلب من عمر هلال ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة، انزعاج المخزن وأزلامه من الإعلاميين والأكاديميين، الذين شنّوا حملة ممنهجة ضد الجزائر، وهو أمر ليس جديدا في كل مرة تحصل فيها تطورات حول القضية الصحراوية في أروقة الأمم المتحدة، والتي لا تفتأ كل مرة عن فضح ممارسات الاحتلال المغربي، وتضارب الدبلوماسية المخزنية التي لم يبق بحوزتها أية حجج لإقناع المجتمع الدولي بشرعية احتلالها.
وكان ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، قد دعا خلال مؤتمر عدم الانحياز إلى مشاركة الجزائر كطرف في طاولة مستديرة لمناقشة القضية الصحراوية، في محاولة يائسة يعلم فشلها مسبقا، لتوريط الجزائر على أنها طرف له أطماع في الصحراء الغربية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يقنع أحداً.
المبعوث الجزائري المكلف بالمغرب العربي والصحراء الغربية عمار بلاني، أكد في تصريح خص به وكالة الأنباء الجزائرية، على أن مقترح الطاولة المستديرة قد عفا عليه الزمن، بسبب استغلال المخزن لهذا النوع من المفاوضات سابقا، بهدف تقديم الجزائر على أنها طرف مباشر في القضية الصحراوية، في تشويه متعمد لصفتها الدولية في حضور هذه المفاوضات إلى جانب موريتانيا على أساس أنهما بلدان جاران ملاحظان، لا أكثر.
المغرب الذي كان يعلم جيدا طبيعة الرد على دعوته، والذي سيكون الرفض القاطع، لأن الجزائر كانت تؤكد دائما على أنها ليست طرفا مباشرا في النزاع حول الصحراء، وأنها تحوز على صفة ملاحظ إلى جانب موريتانيا، على اعتبار أنهما الدولتان الجارتان لطرفي النزاع في الصحراء الغربية، وهو الأمر الذي أقرت به اللوائح الأممية في عدة مناسبات سابقة، وأن الدعم الجزائري اللامحدود لجبهة البوليساريو ليس أمرا سرّيا تتحرج من الكشف عنه، بل طالما أعلنته أمام الملأ من قبيل أنه تجسيد لأهم مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية في دعم حركات التحرر في العالم، والتي تعتبر الصحراء الغربية آخرها على مستوى القارة الأفريقية.
المخزن المغربي يكشف مرة أخرى بهذه الدعوة الغريبة، عن تخبطه بكافة طاقمه الدبلوماسي، من خلال لجوءه إلى الاستفزاز الذي لن يحقق به أية مكاسب، بل سيضرب مصداقيته أكثر، وهو أخطر مرض يمكن أن يصيب دبلوماسية دولة في المحافل الدولية.
وتذكّر استراتيجية المائدة المستديرة، بمفاوضات لوسارن بين جبهة التحرير الوطني وفرنسا الاستعمارية، والتي باءت بالفشل نتيجة اقتراح فرنسا، أن يكون التفاوض بطاولة مستديرة يتم فيها إشراك أطراف أخرى؛ وإن كان الاقتراح الذي تقدم به عمر هلال بطاولة مستديرة على مستوى إقليمي، وهو ما يؤكد أن الممارسات الاستعمارية في التعامل مع حركات التحرر واحدة باختلاف الأزمنة والأمكنة.
ولعله من المثير للسخرية أيضا، أن تعتبر الرباط قبولها بالتفاوض حول القضية الصحراوية، يأتي من منطلق أنها أراض مغربية دون نقاش، وأن جبهة البوليساريو التي تقبل الجلوس إلى التفاوض معها، هي وكيل للجزائر في نزاع افتعلته هذه الأخيرة لضرب الوحدة الترابية المغربية؛ وهذا دليل آخر على تضارب سلوك الدبلوماسية المخزنية في التعامل مع قضية الصحراء الغربية المحتلة.
زكرياء قفايفية
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.